بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 مايو 2022

متى تنسحب من علاقتك وتقول وداعاً؟

  متى تنسحب من علاقتك وتقول وداعاً؟

د. حسان المالح 

تقول الأديبة غادة السمان: سأعيش معك حتى التوهج لا حتى الاحتراق .. فن الحب هو أن يعي المرء متى ينسحب ويكتب على شاشة الأفق كلمة: وداعاً.

وهي مقولة أدبية جميلة جداً وبليغة .. وفيها فوائد نفسية في العلاقات العاطفية وفي العلاقات بين الناس أيضاً.

وبداية العلاقة عادة تكون جميلة وحارة .. ومدة 3-6 أشهر من التفاعل والتعامل اليومي أو شبه اليومي، كافية عادة لتقدير كيفية مسار الأمور بين الطرفين. وربما تكون هذه المرحلة أطول.. وفي هذه المدة تتضح عدة أمور حول شخصية أطراف العلاقة ونقاط قونها وضعفها .. وخيرها وشرها ..ويجري التعامل مع المشكلات بطريقة أو بأخرى إلى تتوضح النوايا وتتكون فكرة كل واحد عن الآخر وعن عواطفه وعن إمكانية الاستمرار فترة طويلة.

وكثيرون ينفصلون في هذه المرحلة المبكرة بعد تعرفهم على الآخر بشكل مناسب وفي مواقف متنوعة. ويستمر آخرون آملين بتغير الشريك أو إصلاحه أو لأسباب أخرى اجتماعية ونفسية أيضاً، مثل القلق والخوف من المستقبل وصفات الشخصية الاعتمادية وغير ذلك.

وفي العيادة النفسية نجد كثيرين يعانون من أعراض اكتئابية وشكاوى جسمية نفسية المنشأ ومن إحباطات زوجية وصدمات عاطفية وغضب وتوتر وقلق وأعراض نفسية متنوعة. وفي هذه الحالات نحن نرى الأعراض والشكاوى المتنوعة وربما يكمن خلفها معاناة وألم شديدين ناتجين عن مشكلات في العلاقة الزوجية أو العاطفية أو العلاقة مع قريب أو صديق .. ويشعر كثيرون أنهم عالقون في العلاقة المرضية ولا يستطيعون الفكاك منها.. وتختلف الظروف والتفاصيل الخاصة في هذه الحالات .. وبعضهم يصبر خوفاً من تفكك الأسرة أو ضياع الأبناء، ويعضهم ليس لديه القدرة المادية كي يعيش بعيداً عن علاقته .. وأمور أخرى وتبريرات عديدة. 

ومن المؤكد أن الظلم إثم عظيم ولا يسهل البقاء وتحمل علاقة سيئة وفيها ظلم وإحباط وأذى. وللصبر حدود .. وكثيراً ما نحاول الصلح والإصلاح .. والصلح خير .. و لا بد من العمل على حل المشكلات وتقديم العون المناسب من قبل أصحاب العلاقة ذاتهم ومن حولهم من الأهل والأصدقاء ومن المجتمع الكبير بثقافته وموسساته المختلفة بما فيها النفسية. وفي حالات عديدة عندما تصبح الأمور غير مقبولة و لا تطاق وبعد سلوكيات خاطئة أو مضطربة أو غير مناسبة من الطرفين أو أحدهما .. يبقى الرحيل والانفصال والانسحاب هو الحل الأفضل لمن هو قادر عليه في مختلف العلاقات.

وفي ثقافة الحب والتعامل مع الآخر في العلاقات بين الجنسين وهي ثقافة ضرورية تنقصنا في مجتمعاتنا، لا بد من تنمية المهارات والقدرات على بناء علاقة حب طويلة الأمد وفيها تبادل وعطاء ورعاية، وعلى التكيف والمرونة وتقبل الآخر وتفهم الذات والآخر والتحمل والتكيف وحل المشكلات قبل تفاقمها. وأيضاً لا بد من تعلم القدرة على إنهاء العلاقة والرحيل حين تستنفذ الفرص ومحاولات الإصلاح وهذا يحتاج إلى مهارات وثقة بالنفس وقوة وحكمة لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

 ويبقى الأدب رافداً هاماً ومفيداً لحياتنا النفسية والفكرية.