بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 16 نوفمبر 2017

الاختلافات بين الرجال والنساء .. نحتت عبر التطور Sculpted By Evolution

الاختلافات بين الرجال والنساء .. نحتت عبر التطور
Sculpted By Evolution

  David P Schmitt Ph.D,Psychology Today, November 11, 2017
إعداد وترجمة وتعليق د. حسان المالح


إنها حقيقة أساسية .. ولكن كثيراً من الناس لا يريد أن يسمعها .. الاختلافات بين الجنسين في الشخصية والسلوك حقيقة.. ولكنها نسبية، وليست ثنائية تناقضية.
إن ما نعرفه من البراهين التجريبية من علم النمو العصبي، والوراثة الطبية، وعلم الأحياء التطوري، وعلم النفس عبر الثقافات، إضافة إلى الدراسات الحديثة حول التحول الجنسي (تغيير الجنس) Transsexuality، مع إرثنا التطوري، يشير إلى نفس النتيجة.
هناك اختلافات نفسية بين الرجال والنساء .. وهي ذات تأثيرات مختلفة .. قد تكون صغيرة مثل الحساسية الفائقة لرائحة الجرابات .. أو كبيرة .. مثل الاستعداد الإصابة بالاكتئاب أو التوحد.
إن الاختلافات الجسدية والسلوكية الواضحة بين الرجل والمرأة والتي تتضمن  القوة الجسدية وحجم الجسم، وتوقيت البلوغ، والنمط الثابت عبر العالم للصيد مقابل الاجتماع ورعاية الأطفال، وأيضاً الاختلاف المنتشر في سلوك المخاطرة، والموت، ومتطلبات الإنجاب .. يشهد مع ترجيح أن التطور قد نحت التكيفات عند الرجل والمرأة مما جعلهما كائنين مختلفين نسبياً.
نفسياً .. إن هذا النحت بواسطة التطور جعل للرجل والمرأة مقاربات مختلفة تجاه الحياة وتجاه الحب .. وهي مبنية على جوهر مشترك للطبيعة الإنسانية.
هناك فكرة خاطئة ولكنها شائعة .. أن  سبب الاختلاف بين الرجل والمرأة هو ببساطة وجود الصبغي المذكر أو عدمه .. وتأثير ذلك على مستويات هرمون التستستيرون في الجسم. والحقيقة أن  هناك درجات عديدة من الاختلافات بين الرجل والمرأة تناقض تلك الفكرة. إن ما يجعل أي اختلاف بستحق الحديث عنه أولاً هو  حجم الاختلاف The size of the difference.
عندما نحلل نتائج الدراسات وفقاً للتحليل البعدي Meta analysis (وفيه مراجعات منهجية لعشرات ومئات الدراسات وفقاً لمبادئ إحصائية معينة)، يتبين أن علماء النفس قد وجدوا اختلافات بين الجنسين في مجال الانفعالات. لقد وجدوا أن النساء بشكل ما، أكثر تعاطفاً Empathic, من الرجال. وان الرجال يشعرون بمشاعر الغيرة الجنسية بشكل أقوى من النساء.
وفي المجال المعرفي الإدراكي يستطيع الرجال بشكل أفضل من النساء، أن يدوروا الأشكال في ذهنهم وأن يتعرفوا على الأشكال وهي مقلوبة. بينما تحسن النساء التعرف على موقع معين في المجال البصري وأن تتذكر بشكل أفضل مكان ساعة بيغ بن على خريطة لندن.
وفي المجال السلوكي نجد أن الرجال أكثر من النساء في العدوانية الجسدية وفي ارتكاب جرائم القتل لنفس الجنس.
وأن النساء يتجهن نحو اختيار شركاء للزواج أكبر عمراً وأكثر غنى، مقارنة مع الرجال.
إن الدراسات حول الاختلافات بين الرجال والنساء تعتمد غالباً على مبدأ متوسط المجموعات Group averages .. ولكن كثيراً من الناس يفكر برجل أو إمرأة محددة .. مما يؤدي إلى سوء فهم للموضوع .. وعندما يؤكد العلماء مثلاً أن الرجال أطول من النساء، فهذا لا يعني أن كل رجل هو اطول من كل إمرأة .. بل إن هذه النتيجة تنطبق على متوسط مجموع الرجال مقارنة مع متوسط مجموع النساء.
وللمزيد من توضيح فكرة متوسط المجموعات يمكننا أن نضع رقماً معيناً يحدد كمية الفرق بين الجنسين، وهو يسمى حجم التأثير Effect size. والأسلوب الأكثر استعمالاً هو قيمة d في علم الإحصاء. إن القيمة الإيجابية  dتعني أن الرجال أكثر من النساء في خاصية معينة. والقيمة السلبية لها تعني أن النساء هن أكثر في تلك الخاصية.
وأما عندما تكون القيمة أقرب إلى الصفر فهذا يعني أنه لا يوجد فرق بين الجنسين.
0.20 d= يعني الفرق صغير أي 58% من المجموعة
0.50 =d يعني أن الفرق متوسط أي 69% من المجموعة
0.80 d= يعني أن الفرق كبير أي 79% من المجموعة
+ 1=d نادر في علم النفس .. ومثلاً يعني أن 84% من الرجال هم أطول من النساء. وكذلك الرغبة في الهندسة كمهنة، وغياب القرف الجنسي (مثل عدم الانزعاج لسماع الجيران يمارسون الجنس).
+2.00 =d يعني أن 98% من الرجال هم أعلى من المرأة المتوسطة في صفة معينة .. ومثلاً في قوة قبضة اليد ومهارات رمي وقذف الأشياء وفي ارتفاع طبقة الصوت.
ومهما كانت الاختلافات صغيرة او كبيرة، فإن هناك تداخل واضح في التوزيع بين الرجال والنساء .. وبعض النساء يستطيعون رمي الأشياء لمسافة أبعد من بعض الرجال.
إن هذه الاختلافات هي اختلافات بين متوسط المجموعات وليس بين جميع الرجال وجميع النساء.
ومن المؤكد أن هناك عوامل تساهم في هذه الاختلافات .. وأولها العوامل العضوية ابتداء من المرحلة الجنينية حيث يساهم الكروموزوم الذكري في تشكيل الجسم الذكري في الثلث الأول من الحمل ومن ثم يساهم التستسيرون الذكري في تشكيل الدماغ الذكوري في الثلث الثاني من الحمل. ثم العوامل النمائية في مرحلة البلوغ والعوامل الاجتماعية والبيئية.
إن كل الآليات العضوية التي ظهرت عبر تاريخ الإنسان تستجيب لعوامل أساسية في البيئة وفي تركيبة الأسرة والمجتمع والبيئة المناخية المحلية. وتأثير البيئة المحيطة دائماً يساهم في تشكيل الاختلافات الجنسية.
أما تأثير الثقافة .. فهو يختلف عما يعتقده كثيرون .. ووفقاً لدراسات عديدة عبر الثقافات .. نجد أن ثقافة المساواة بين الجنسين Gender-related egalitarianism كما هي شائعة في الدول الاسكندنافية تظهر فيها الفروق بين الجنسين بشكل أوضح .. مما يدل على أن المساواة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين الجنسين تسمح بظهور الإرث العضوي الذي يحمله الرجال والنساء عبر التاريخ التطوري بشكل أوضح، ويسمى ذلك بالتناقض الظاهري للمساواة بين الجنسين Gender equality paradox (تعليق: تستحق هذه النقطة مزيداً من الشرح واحتمال وجود تفسيرات أخرى وفقاً لآراء أو نظريات مختلفة).
وفيما يلي عرض للفروق بين الجنسين وشدتها:
(النساء)
فروق صغيرة:
الامتثال والتوافق والطاعة Conformity
المهارة اللفظية العامة
العنف غير المباشر (القيل والقال – تداول الشائعات)
الثقة في العلاقات
الحساسية للانفعالات السلبية
مهارة تحديد الموقع المكاني
فروق متوسطة:
الاتجاه للتبسم
فروق متوسطة / كبيرة:
تفضيل المكانة للشريك
التفكير الرقيق Tender mindedness
فروق كبيرة:
الدهون في الجسم
الطبخ عند الباحثين عن الطعام
البلوغ المبكر
التعاطف
الاهتمام بالأشخاص بدلاً عن الأشياء
تفضيل الدمى النموذجية للأنثى
تفضيل الذكر الأطول
الراعي الأساسي للأطفال عند الباحثين عن الطعام
القرف الجنسي
الاستعداد للاكتئاب
(الرجال)
فروق صغيرة / متوسطة:
الاندفاعية
الغيرة الجنسية
فروق متوسطة:
مهارات البعد الثالث المكانية
ارتفاع الضغط الشرياني
المغامرة / تحمل المخاطرة
الدافع الجنسي
القيادة في مهمة معينة
فروق متوسطة / كبيرة:
مهارة التدوير الذهني
العدوان الجسدي
تفضيل الشريك الجذاب جسدياً
فروق كبيرة:
طبقة الصوت العميقة
الموت المبكر
قوة القبضة
الطول
القابلية الأكبر للقتل
تفضيل الألعاب الخشنة والسقوط
مهارة رمي الأشياء إلى بعيد
قوة القسم الأعلى من الجسم
القابلية للسلوك المضاد للمجتمع
تعليق:
الموضوع المطروح هام وضروري وفيه فوائد عديدة .. وهو يقدم معلومات دقيقة معتمدة على أبحاث ودراسات منهجية كثيرة. والمؤلف عالم نفسي أمريكي متخصص في علم نفس الشخصية وأستاذ في جامعة برادلي (1995 إلى الوقت الحالي)، وجامعة ميتشيغان سابقاً، ومؤسس مشروع وصف الجنس العالمي International Sexuality Description Project (ISDP) (عام 2000 إلى الوقت الحالي) الذي يدرس الجنس والشخصية عبر الثقافات في 56 دولة .. ولا يزال المشروع قائماً وتصدر عنه عدة دراسات.
وهو مهتم بعلم النفس التطوري وعلم النفس عبر الثقافات .. والموضوع المطروح له جوانب عديدة عضوية ونفسية وسلوكية واجتماعية وثقافية وتطورية .. وفيه دراسات كثيرة ونتائجها متناقضة أو غير حاسمة في كثير من الأمور. وتختلف النتائج وفقاً لمنظور المؤلف والنظريات التي يعتمد عليها.. وهناك أمور عديدة حول الاختلافات بين الجنسين لم يجر التطرق لها هنا مثل الاختلافات في الاضطرابات النفسية التي تصيب الجنسين، موضوع الذكاء العام وتفصيلاته، موضوع الذاكرة، صفات الشخصية مثل النرجسية والانفتاحية عند الرجال والانبساطية عند النساء وغيرها، والاختلافات التشريحية العصبية، وغير ذلك من الموضوعات. ولا يعني عدم ذكرها هنا أن هذه الاختلافات غير موجودة .. وبالطبع لكل اختصاصه ونظرياته التي يعتمد عليها .. وهنا في هذه المقالة ركز المؤلف  على معطيات هامة مرتبطة أساساً بعلم النفس التطوري .. ومع اهمية هذه النظرية وإمكانياتها لإضافة مايغني فهمنا للإنسان بشكل علمي .. فهي ليست الكلمة الأخيرة وليست النظرية الشاملة القادرةعلى تفسير كل شيء.. ولابد من مراجعة الموضوع بشكل منهجي من وجهات نظر أكثر شمولاً .. وربما لا يتوفر ذلك في الوقت الحاضر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق