بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 أبريل 2018

ملاحظات أساسية حول أهداف العلاج في الطب النفسي:


ملاحظات أساسية حول أهداف العلاج في الطب  النفسي:
 د. حسان المالح

يهدف العلاج النفسي من الناحية العيادية إلى تحقيق أربعة أمور أساسية وهي:
1- إزالة الأعراض المرضية أو التخفيف منها ( (Symptoms removal or reduction: مثل الأرق وأعراض الاكتئاب وأعراض فقدان الوظيفة في الاضطرابات التحويلية (فقد الصوت أو العمى أو الشلل نفسي المنشأ) .. إضافة لأعراض الهلوسة أو الهذيانات الحادة أو أعراض نوبة الهوس والهياج أو الوسواس القهري وغير ذلك.
وبالطبع مثل مختلف الأمراض الأخرى الجسدية فإن العلاج في الطب النفسي يهدف إلى إزالة الأعراض المرضية تماماً، أو التخفيف منها قدر الإمكان (بالنسبة للأعراض المتبقية أو المزمنة والتي يصعب إزالتها تماماً).
وهذا معروف في الممارسة العملية الطبية ومن الضروري أن يتفهمه المريض وأهله والمجتمع .. وأيضاً العاملون في ميدان العلاج النفسي من مختلف التخصصات. وهناك علاجات فعالة وعلاجات متوسطة الفعالية وعلاجات ملطفة فقط في الميدان الطبي العام وفي الطب النفسي .. ومن المؤكد أن العلاج الطبي والنفسي يسعى نحو إيجاد العلاجات والطرق الأكثر فعالية ونجاحاً، وهو يعمل على اكتشاف علاجات جديدة فعالة ومفيدة دائماً. ولكن في حالات عديدة هناك حالات لا تشفى أعراضها تماماً أو يحدث فيها تحسن نسبي أو جزئي. ولا مانع من إشراك عدة طرق علاجية أو أكثر من دواء واحد في الحالات التي لا تشفى الأعراض فيها بشكل كامل. ومن المقبول والمنطقي وفي كل حالة على حدة ووفقاً لتفاصيلها وأعراضها وظروفها وتاريخها، أن يكون هدف العلاج هو تخفيف الأعراض وليس بالضرورة شفاؤها التام.
2- التكيف وإعادة التكيف الاجتماعي والأسري والمهني (Adjustment & Readjustment): إن العلاج الناجح يساهم في عودة المريض إلى أدائه المهني والاجتماعي .. ومن المطلوب تشجيع المريض على التكيف الجزئي أو التكيف الكافي في بيئته الخاصة المنزلية والأسرية والاجتماعية والمهنية (الدراسية بالنسبة للطلبة والأطفال). ويتضمن العلاج هنا المساهمة في المشورة الزوجية والأسرية والمهنية وتوجيه المريض لإتخاذ قرارات ناجحة بمساعدة الأهل وغيرهم من الخبراء في المجالات المهنية والاجتماعية والقانونية.
ويشمل هذا الهدف معظم الاضطرابات النفسية عند الصغار وعند الكبار.
3- تخفيف الأذى أو الضرر أو التخفيف من الخسائر (Harm reduction): ويعني ذلك الحد من الأضرار الناتجة عن السلوك المرضي بأشكاله المتنوعة .. ويشمل ذلك عدة اضطرابات نفسية فيها سلوكيات خطرة أو مؤذية للفرد نفسه أو للآخرين .. مثل السلوك العدواني والسلوك الانتحاري والسلوك الإدماني واضطرابات السلوك عند المراهقين واضطرابات الشخصية المختلفة .. وكل ماسبق يمكن أن يسبب أذى وأضراراً وخسائر متعددة مادية وجسدية وأسرية ومعنوية. والعلاج الناجح في مثل هذه الحالات يهدف بشكل واضح إلى تخفيف الأذى بكل الأساليب الممكنة السلوكية والعملية .. ومنها إدخال المريض إلى مؤسسات علاجية مثل المشفى وغيرها.
4- تحسين نوعية الحياة (Improving the quality of life): ويعني ذلك تحسين نوعية الحياة النفسية والعملية للمريض بأساليب عديدة. ومنها إعادة التأهيل المهني والاجتماعي بشكل منظم أو بشكل عام وفقاً للإمكانيات المتاحة. وأيضاً التثقيف النفسي والتعليمي والإرشادي الذي يساهم في تفهم المريض لحالته وانفعالاته وأفكاره وزيادة السيطرة عليها وتعديلها. وتفيد هنا الأساليب المعرفية والسلوكية والدعم النفسي والجلسات العلاجية المتنوعة ..
كما تفيد الأساليب المتنوعة التي تهدف إلى زيادة المهارات الشخصية والقدرات المختلفة (بما فيها التنمية البشرية) في تحسين نوعية الحياة التي يعيشها المريض وفي تحسين ثقته بنفسه ورضاه عنها، وربما تفيد في صحة نفسية أفضل.
وأخيراً .. إن كل الأهداف الأساسية الأربعة السابقة تفيد في علاج الاضطرابات النفسية بمختلف أنواعها (حوالي 350 اضطراب نفسي محدد وفقاً للتصنيفات الحديثة)، وأيضاً ربما تفيد في الوقاية من بعضها أو التخفيف من أعراضها أو انتكاستها. ولا يكفي أن ينظر إلى العلاج النفسي على أنه موجه لإزالة الأعراض فقط وهذه نظرة ضيقة وناقصة .. ولا بد من العمل على المحاور الأربعة الأساسية كلها. ومن الضروري توضيح هذه الاستراتيجيات والأهداف العلاجية لأنفسنا كمعالجين وأيضاً للمريض نفسه وأهله والمجتمع، مما يساهم في تفهم العملية العلاجية ويزيد من نجاحها، كما يزيد من التعاون بين مختلف الأطراف لتطبيقها والالتزام بها.
دمشق  11/4/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق