"الزعل
على قد المحبة" .. في العلاقات الزوجية والعاطفية وغيرها:
على قدر الحب
يكون قدر الزعل، حكمة نفسية عميقة وجميلة وتحتاج لإضاءات حولها.
والزعل Upset)) وهي من
اللغة الدارجة (معناها بالفصحى يختلف عن المعنى الدارج) وقد أثبتها
أصحاب (المعجم الوسيط) من مجمع اللغة العربية المصري كلغة عربية محدثة.
(أزعل: آلم أغضب استاء، زعلّ: أسأم أضجر ضايق - العربية المعاصرة – أحمد مختار
أحمد وآخرون – 2008.
أزعله: أزعجه - المعجم
الوسيط – مجمع اللغة العربية – القاهرة 1960)
هو حزن غاضب من
شخص معين لنا علاقة به بسبب قول أو سلوك أو تصرف معين غير مناسب لنا.
وهو نوع من
الإحباط والانزعاج وفيه توتر وكره ومشاعر سلبية وعدوانية، إضافة للشعور بالحزن
وخيبة الأمل.
ويرتبط الزعل
بالتسامح والمسامحة في العلاقات الزوجية والعاطفية وبين الأهل والأصدقاء والمعارف،
وهذا ضروري وأساسي في العلاقات بين البشر وبين المحبين. ويعني أن تغفر زلات الآخر
وأخطائه وتجد لها المبررات، أو أن تتغافل عنها وتصغرها دون تضخيم أو مبالغة، وأن
تنسى وتتناسى الموضوع لأنك تحب الآخر وتقدره.
كما يرتبط الزعل
بالعتاب، وهو ضروري وأساسي، وفيه يعبر الشخص عن انزعاجه وألمه للطرف الآخر بطرق
متعددة، وأفضلها الحوار المباشر في الوقت المناسب. والعتاب أسلوب صحي وبناء
وإيجابي يستدعي من الطرف الآخر التنبه والانتباه إلى قوله وتصرفاته وتعديلها، ويؤدي
إلى الاعتذار وتصحيح الأمور ومشاعر إيجابية بين الطرفين. وطبعاً يؤكد ذلك أهمية
مقولة "أنا آسف، أو أنا آسفة" كمفتاح أساسي في بناء ومسيرة العلاقات بين
البشر.
وببساطة من
الأكيد أن كمية الزعل والانزعاج تتناسب مع درجة الحب والتعلق والتقدير. وكلما زاد
الزعل زاد الحب. وإذا لم يسبب الطرف الآخر لك في سلوكه غير المناسب إلا زعلاً
قليلاً فأنت ربما تحبه قليلاً فقط، وهو كله لا يعني لك كثيراً أو في تصرف معين.
والمشكلات المرتبطة
بالزعل يمكن اختصارها فيما يلي:
1- بعض الأشخاص
حساسون جداً ولديهم عقد معينة ومناطق حساسة في ذكرياتهم وشخصيتهم تجعلهم شديدي
الحساسية لموقف أو تصرف أو كلمة قد لا تكون عن قصد وعمد. وهنا يزعلون بسرعة
وبأشكال مضخمة غير مناسبة ويقطعون الطرف الآخر ويتخذون مواقف متصلبة ونهائية من
الطرف الآخر، بناء على زعلهم السريع والمتسرع، ولا يفسحون المجال للعتاب والحوار
والتفاهم.
2- الإفراط
في التسامح مع من يزعجك ويزعلك يجعل الحياة أكثر صعوبة ويؤدي إلى استمرار السلوك
غير المرغوب وفي النهاية يؤدي إلى الكراهية. "ستظل تسامح من تحب .. إلى أن
تكرهه".
3- "أنا
زعلان .. زعلان ليه؟" ويضل للصبح يقول أنا زعلان، ولا يرد ولا يعترف هو زعلان
ليه!!
وهنا بعض الأشخاص
يزعلون وينزعجون ولا يوضحون لماذا. وهذه مشكلة شائعة تعقد الأمور في العلاقات وتساهم
باستمرار الزعل والجفاء. وتحتاج إلى مهارات في التعبير عن النفس وفي اختيار
الكلمات المناسبة والوقت المناسب للحوار والعتاب.
4- عندما يتوقف
الشخص عن العتاب نهائياً، يدل ذلك على درجة من اليأس من الطرف الآخر. وهذا مؤشر
هام يوحي بشرور عديدة ومنها: الخرس الزوجي وقلة الحوار وتسطح العلاقة، وانتهاء
العلاقة أو قرب ذلك، او أن الشخص يبحث عن علاقة أخرى بطرق شرعية أو غير شرعية، ولم
يعد يهمه الطرف الآخر. ومن الضروري التنبه لذلك قبل فوات الأوان وتعديل ما يمكن
تعديله.
ولذلك يبقى
العتاب والتفاهم والحوار الدوري اليومي أو الأسبوعي دواء ناجحاً في العلاقات بين
البشر لأنه يوضح الأمور وينفس عن الغضب والألم ويساهم في تعديل السلوكيات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق