بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 أكتوبر 2020

لست مستعداً لأن أموت من أجل قناعاتي، لأنني ربما كنت مخطئاً!!

 

لست مستعداً لأن أموت من أجل قناعاتي، لأنني ربما كنت مخطئاً!!

د. حسان المالح 

في مقابلة صحفية مع الفيلسوف البريطاني برتراند رسل سأله الصحفي: هل أنت مستعد لأن تموت من أجل قناعاتك؟ فأجابه: طبعاً لا، لأنني ربما كنت مخطئاً (1964).

Are you ready to die for your believes? Of course not. After all I might be wrong.

برتراند رسل Bertrand Russel (1872-1970) فيلسوف بريطاني شهير وعالم منطق ورياضيات ومؤرخ وناقد اجتماعي. له مواقف ضد الحرب الأمريكية في فييتنام وضد إسرائيل وطالبها بالتراجع عن احتلالها لأراضي 1967.

حاز عام 1950على جائزة نوبل للأدب تقديراً لكتاباته المتنوعة والمهمة والتي يدافع فيها عن المثل الإنسانية وحرية الفكر.

وتشكل المقولة التي أطلقها في حواره الصحفي فكرة هامة ومؤثرة ومفيدة حول نسبية الأفكار والقناعات من الناحية العلمية والفلسفية.

وكثير من أفكارنا وقناعاتنا ربما تتغير مع الزمن ومع تغير الظروف والمعطيات والمعلومات والخبرات التي نتعرف عليها.

"الحمقى والموتى لا يغيرون أراءهم أبداً".. كما يقول المثل.

وفي تاريخ الأفكار عبر تطور البشرية وصولاً إلى الحضارة المعاصرة والديموقراطية وحرية التعبير نجد قصصاً مؤلمة حول صراع الأفكار والاضطهاد الديني والفكري الدموي الذي تعرض له البشر والعلماء والمفكرين والفلاسفة وغيرهم بسبب آرائهم.

ويعتقد البعض أنه مستعد للموت من أجل أفكاره.. وهذا شائع عند المراهقين، وفي الجماعات المتطرفة بمختلف أشكالها. التطرف الديني والطائفي والعرقي والسياسي وغيره. وتؤكد القيم الحضارية المعاصرة على أهمية الفرد وأهمية حياته. ويتبع ذلك حقوقه المختلفة في المساواة والعمل والقانون والتعبير. وقد تم إلغاء عقوبة الإعدام في عدد من الدول كمثال واضح على أهمية الحياة والحفاظ عليها، وتم استبدال عقوبة الموت للمجرمين بالإبعاد عن المجتمع والسجن لفترات طويلة مع محاولات لإعادة التأهيل.

وتنتشر في ثقافتنا "ثقافة الموت"، بينما تتراجع ثقافة الحياة. ومن الأمثلة الشائعة "الموت حباً" و"تقبرني ما أحلاك" ومثيلاتها.

ويمكن لثقافة الموت أن تكون تعبيراً عن القهر وعن إحباطات متنوعة اقتصادية واجتماعية وفكرية، وأن تعبر عن اكتئاب وسلوك انتحاري يحمل في داخله اليأس وانسداد الآفاق.

ولا بد من التنوير وإعادة النظر في كثير من أفكارنا وسلوكياتنا. ويأتي ذلك من خلال تحديث المجتمع، ومن خلال التعليم والتربية الحديثة والاهتمام بالعلوم والحضارة المعاصرة والثقافة العلمية. وأيضاً حوار الأفراد والحضارات والأفكار والمبادئ.

وكثير من الأفكار تخضع لمبدأ النسبية الشهير الذي اكتشفه أينشتاين في نظرية النسبية. ويمكن تطبيق ذلك على الأفكار العامة والأفكار الفردية أيضاً.

وفي الممارسة العيادية النفسية كثيراً ما يرتبط التحسن والشفاء مع تعديل نظرتنا السلبية، أو المضخمة، أو المعممة، أو الذاتية غير الواقعية، تجاه أحداث الحياة اليومية ومن حولنا، وتجاه أنفسنا.

ولا بد من تدوير الزوايا الحادة ((Rounding the angles وتخفيف الحدة والقطعية في آرائنا وأفكارنا. وبدلاً عن الجمود والحدة والقطعية لا بد من المرونة والنسبية وتقبل الآخر، وتشجيع الحوار والتعايش السلمي بين الأفكار والأفراد وأيضاً بين الدول والثقافات.

 دمشق 3/10/2020

 

 

 

 

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق