تطورات حديثة في فهم وعلاج اضطراب ثنائي القطب عند البالغين
Recent advances in the understanding and
management of bipolar disorder in adults
- 2017 F1000ResJanusz K. Rybakowski - 2017 ** *
ترجمة وإعداد وتعليق: د. حسان المالح
مقدمة:
اضطراب ثنائي القطب هو حالة متكررة وغالباً مزمنة تشمل نوبات من الهوس أو تحت الهوس أو نوبات اكتئابية أو مختلطة.
وتقدر نسبة انتشاره عالمياً 2-5%
1-2% للنوع الأول حيث تغلب فيه النوبات الهوسية، والنوع الثاني الذي تغلب فيه النوبات الاكتئابية 3-4%
(وهناك أنواع أخرى لاضطراب ثنائي القطب يمكن الرجوع إليها في التصنيف الأمريكي الخامس للاضطرابات النفسية)
وتقدر نسبة الانتحار لدى المصابين باضطراب ثنائي القطب 10-20% خلال حياتهم، وهي نسبة عالية جداً.
والاستعداد الوراثي لهذا الاضطراب عال ومؤشر الاستعداد الوراثي نسبته 0،85 بينما مؤشر الفصام حوالي 0،70 والوسواس القهري 0،55
وتعتبر الأدوية المثبتة للمزاج Mood stabilizers هي العلاج الأساسي.
التداخل Overlap بين اضطراب ثنائي القطب والاضطرابات النفسية الأخرى:
بينت الدراسات الارتباطية الواسعة للجينوم البشري أن هناك مورثات متعددة تساهم في ظهور الاضطراب. أي عدة أليلات (صبغيات مفردة) بتأثير صغير many risk alleles of small effect.
وهناك تداخل وراثي بين 5 اضطرابات نفسية وهي طيف التوحد، نقص الانتباه فرط الحركة، ثنائي القطب، الاكتئاب الأساسي، الفصام.
والتداخل الأوضح هو بين ثنائي القطب والفصام. حيث نجد في الدراسات أن أقرباء الدرجة الأولى للفصام أو ثنائي القطب، يزداد احتمال المرضين عندهما.
كما أن هناك تداخل ورائي واضح بين اضطراب نقص الانتباه فرط الحركة وبين ثنائي القطب. وهناك صعوبة في التشخيص والتفريق بينهما أحياناً.
وهناك أيضاً تداخل وراثي بين الشخصية الحدية، وثنائي القطب، والاكتئاب الأساسي، والفصام.
ومن خلال الدراسات الجينية يمكننا القول إن وجود أليل نوعي يزيد خطر الإصابة بتشخيص محدد، يعتبر أمراً غير محتمل Unlikely.
التفاعل بين المورثات والمحيط في اضطراب ثنائي القطب:
إن الإطار الحديث الذي يبحث في نشوء كل الاضطرابات النفسية يعتمد على نموذج الربط بين المورثات والمحيط، من خلال ربط التكوين الوراثي + التنظيم فوق الوراثي epigenetic regulation مع العوامل المحيطية.
وتستطيع آليات التنظيم فوق الوراثي مثل DNA methylation +histone modification أن تعدل تعبير المورثات استجابة للمحيط، وبالتالي فهي تؤثر على الفيزيولوجيا المرضية والكيميائية وظهور اضطراب ثنائي القطب.
وتعتمد الدراسات فوق الوراثية على عينات الدم وعلى دراسة الدماغ بعد الوفاة.
وقد وجدت أن هناك اضطراب في عملية ميثيليشن في د. ن. أ abnormal DNA methylation عند المصابين بثنائي القطب. حيث وجد فرط في الميثيليشن بالنسبة للجين الناقل للسيروتينين hypermethylation of the serotonin transporter gene.
وأيضاً زيادة في عملية الأستلة والميثيليشن بالنسبة للهيستون 3 increased global histone H3 acetylation and hypermethylation.
ووجدت تشابها مع الفصام وثنائي القطب الذهاني في التصاق د. ن أ ميثيل ترانسفيراز مع المستقبلات المولدة للغابا increased DNA-methyltransferase1 binding to GABA-ergic في دراسة الدماغ بعد الوفاة.
الدراسات الوبائية Epidemiological:
بينت الدراسات الوبائية وجود عوامل محيطية متعددة مرتبطة بثنائي القطب. وكثير منها يشبه العوامل المحيطية المرتبطة بالفصام والاكتئاب الأساسي.
والعوامل المحيطية أثناء المرحلة الجنينية أكثرها أهمية هو إصابة الحامل بالإنفلونزا. حيث إن وجود إصابة إنفلونزا في دم الأم الحامل يؤدي إلى زيادة خمس أضعاف لاحتمال ظهور ثنائي القطب مع أعراض ذهانية.
وربما يكون ذلك دليلاً على أن الإصابة بالإنفلونزا خلال الحمل ربما تكون عامل خطورة لظهور الذهان.
وبينت الدراسات أيضاً أن تدخين الأم يؤدي إلى زيادة بنسبة ضعفين لظهور ثنائي القطب عند البالغين.
مثبتات المزاج :Mood stabilizer
في عام 1963 صدر التقرير الأول حول ملح ليثيوم كمثبت للمزاج. وفيما بعد في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي صدرت تقارير عن فائدة صوديوم فالبوريت وكاربامازبين وهما من مضادات الصرع، في علاج اضطراب ثنائي القطب. وهذه الأدوية الثلاثة تعتبر مثبتات المزاج من الجيل الأول.
وظهرت دراسات عن فائدة لاموترجين وهو مضاد للصرع في علاج اضطراب ثنائي القطب عام 2002 وقبلها ظهرت مضادات الذهان غير التقليدية مثل ريسبيريدين وأولانزيبيم وكوايتبين وزيبرازيدون وغيرها وكل هذه الأدوية تعتبر من الجيل الثاني لمثبتات المزاج.
وتدل الدراسات على أن ليثيوم أفضل من فالبروت وكاربامازبين بالنسبة للاكتئاب.
وأما كوايتيبين له تأثير متوسط على الهوس والاكتئاب. ولاموترجين له تأثير أفضل على الاكتئاب، إذا أخذنا التأثير على الهوس والاكتئاب بشكل محور.
كما وجدت الدراسات أن ليثيوم يخفف من معدل الانتحار. ومن الممكن أن كميات قليلة منه في ماء الشرب يمكن لها أن تخفف من معدلات الانتحار في المجتمع.
وتبين الدراسات أن الذين يستجيبون لليثيوم بشكل مثالي هم حوالي 31% من الحالات، وتبين دراسة هؤلاء تفاصيل مفيدة جينية وغيرها.
وأخيراً وجد أن ليثيوم له وظائف حماية عصبية Neuroprotectiveومن الممكن أن يفيد في علاج ألزهايمر وداء هنتيغتون وغيره.
تعليق:
مقالة مفيدة وفيها مراجعة لمستجدات متعددة نظرية وعملية حول اضطراب المزاج ثنائي القطب. ومن المفيد التعرف على الآليات الوراثية وفوق الوراثية التي ظهرت في الأبحاث الحديثة. ولكن يبدو أن المعلومات المتوفرة الحالية لا تعطينا تصورات واضحة وشاملة للآليات التفصيلية الفيزيولوجية والكيميائية المسؤولة عن اضطراب المزاج ثنائي القطب.
كما أن الحديث عن ليثيوم وتفوقه كمثبت للمزاج مفيد ويفتح أفاقاً نظرية وبحثية حول اضطراب ثنائي القطب وحول وظائف ليثيوم في الحماية العصبية. ولكن هذا الدواء من النواحي العملية والعيادية يمكن له أن يسبب آثاراً جانبية سلبية متعددة، مما لا يجعله دواء سحرياً خاصاً أو اكتشافاً كامل المواصفات والأوصاف.
* أستاذ الطب النفسي جامعة بوزنان للعلوم الطبية بولندا
** F1000Res هيئة أكاديمية عالمية لنشر الأبحاث والدراسات عبر الانترنت
المرجع:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC5698915/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق