بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 25 أغسطس 2017

الفصام في الدليل الأمريكي التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية DSM-5

الفصام في الدليل الأمريكي التشخيصي  والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية DSM-5
د. حسان المالح
استشاري الطب النفسي - أستاذ في الجامعة العربية الدولية - دمشق - 2322841

 
مقدمة سريعة:
إن مصطلح الفصام Schizophrenia هو مصطلح حديث نسبياً، وقد اطلقه الطبيب النفسي بلويلر في ألمانياً عام 1911، وقد قصد به عدة اضطرابات نفسية ذهانية تجمعها صفات محددة .. حيث استعمل التشخيص بلغة الجمع (فصامات).
وقد ساهمت الحرب العالمية الثانية بتطورات هامة في ميدان الطب النفسي حيث ظهر التصنيف العالمي للأمراض بطبعته السادسة وفيه للمرة الأولى  تشخيص عدة أمراض نفسية ومنها الفصام ICD-6، عام 1949.
كما ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية الدليل التشخيصي والإحصائي الأول للأمراض النفسية عام 1952 DSM-I. وكان يضم 106 من الاضطرابات النفسية ولكل منها أوصافها ومعايير تشخيصها المحددة. وظهر فيها مصطلح الفصام الارتكاسي ويعني الفصام الناتج عن ضغوط وأزمات معينة.
وقد ظهرت خلال السنوات التالية إلى الوقت الحالي عدة تعديلات على تشخيص الأمراض النفسية.
وفي عام    DSM-5 2013ظهر الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس، وفيه أكثر من 350 تشخيص (ملاحظة: تم استعمال الأرقام العربية في تسمية الدليل الخامس 5 بدلاً عن الأرقام الرومانية v لأنها أكثر سهولة في برمجيات الكومبيوتر)((2.
اضطرابات طيف الفصام وغيرها من الاضطرابات الذهانية في الدليل الخامس:
Schizophrenia spectrum and other psychotic disorders
يضم الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية ستة اضطرابات تحت عنوان اضطرابات طيف الفصام وغيرها من الاضطرابات الذهانية وهي على الشكل التالي:
1- الفصام Schizophrenia:
وهو أكثر الاضطرابات الذهانية شيوعاً، ونسبة انتشاره في المجتمع حوالي 1% من الأشخاص.
2- الاضطراب الهذياني (الزوري – التوهمي) Delusional Disorder:
ونسبة انتشاره حوالي 1/500 من الأشخاص، وهو ينتشر أكثر عند الرجل، ويرتبط وراثياً بالفصام وأيضاً بالشخصية ذات النمط الفصامي.
3- الاضطراب ذو الشكل الفصامي Schizophreniform Disorder:
ونسبة انتشاره حوالي 1/500 من الأشخاص، ومن الناحية الوراثية هناك زيادة في حالات الفصام، وهو أكثر شيوعاً في دول العالم الثالث، وثلث الحالات تشفى خلال ستة أشهر من ظهورها، وباقي الحالات تتحول إلى الفصام أو إلى الفصام المزاجي.
4- الفصام المزاجي Schizoaffective Disorder:
ونسبة انتشاره حوالي 1/300 من الأشخاص، وهو أكثر عند المرأة، ونسبة الانتحار فيه مشابهة لنسبة الانتحار في الفصام وهي حوالي 5%.
5- الذهان قصير الأمد Brief psychotic disorder:
وهو وجود أعراض ذهانية لمدة أكثر من يوم واحد ولكن لمدة أقل من شهر، وهو أكثر انتشاراً في دول العالم الثالث، وأكثر انتشاراً عند المرأة.
6- الشخصية ذات النمط الفصامي Schizotypal personality disorder:
وهذه الشخصية لديها أفكار الإشارة المرضية، وأفكار غريبة وسحرية، واوهام جسمية وغيرها. وتتميز بالغرابة في التفكير والكلام والسلوك، وعدم وجود أصدقاء مقربين، وتعاني من القلق الاجتماعي وغير ذلك.
ونسبة انتشارها حوالي 4% من السكان، وهي ثابتة في تطورها عبر الزمن، ونسبة قليلة منها فقط تتطور إلى الفصام أو إلى أحد الاضطرابات الذهانية الأخرى، وهي أكثر قليلاً عند الذكور، وترتبط وراثياً بالفصام، وتصاب بالاكتئاب بنسبة 50% من الحالات.
التغييرات في تشخيص الفصام في الدليل الخامس:
(1) وجود عرضين من الأعراض الذهانية التالية:
1- هذيانات (أوهام) 2-هلاوس 3- تفكير (كلام) غير مترابط
4- سلوك مضطرب بشدة أو جمودي 5- أعراض سلبية.
1-Delusions 2- Hallucinations 3- Disorganized thinking (speech)
 4- Grossly disorganized or catatonic behavior 5- Negative symptoms.
وسابقاً في الدليل الرابع كان يكفي وجود عرض واحد إذا كان من أعراض المرتبة الأولى لشنايدر (هذيانات السيطرة وصدى الأفكار وغيرها وأهلاس سمعية تعلق على الشخص وسلوكه أو تتحدث بينها عنه). وهذا يعني فقدان أعراض المرتبة الأولى لشنايدر أهميتها التشخيصية في الفصام .. فهي لا تكفي وحدها أبداً، ويمكن لها أن تظهر في حالات اضطراب المزاج المختلفة كما في الاكتئاب أو الهوس. طبعاً إلا إذا ترافق الهذيان مع هلوسة وهنا يصبح لدينا عرضان معاً وهو يكفي للتشخيص.
(2) وأيضاً يجب أن يكون أحد العرضين الذهانيين من الأعراض الإيجابية الثلاثة الأولى. وهذا يساعد على التفريق بين الفصام وبين الاضطرابات المزاجية وغيرها.
وما سبق ذكره من تغييرات في (1) و(2) يساعد على تحسين وتشديد معايير تشخيص الفصام مما يؤدي إلى زيادة ثبات التشخيص Reliability.
واما صحة التشخيص Validity وحدود المرض الواضحة، فإن ذلك لا يزال غير واضح تماماً بسبب تداخله مع اضطرابات أخرى.. ويسعى الدليل الجديد إلى مزيد من الوضوح في هذه الموضوع.
(3) تمت إزالة التصنيفات الفرعية لشكل الفصام .. مثل الفصام الشبابي والزوري والجمودي وغيرها، وذلك بسبب عدم ثبات هذه الأشكال عبر تطور المرض، وندرة استعمالها في الأبحاث والدراسات خلال العشرين سنة الماضية، وأيضاً لضعف صحتها، وغير ذلك من الأسباب.
وبدلاً عن هذه الأشكال الفرعية تمت إضافة بعد جديد يقيس شدة الأعراض الذهانية الخمسة مؤلف من خمس درجات، من 0 إلى 4، حيث تتدرج شدة الأعراض الذهانية من: غير موجودة إلى غير أكيدة، موجودة لكن خفيفة، متوسطة، شديدة (1).
وأعتقد أن هذه الإضافة مفيدة من الناحية العيادية وفي الدراسات، لأن مرضى الفصام مختلفون في حالتهم وشدة أعراضهم، وتمييز ذلك ضروري من الناحية العيادية في التعامل مع المريض وفي متابعة تجاوبه مع العلاجات، وكذلك يفيد في الدراسات المتنوعة لأنه أصبح ممكناً التمييز في شدة الأعراض الذهانية وفقاً لهذا الدليل، وما يرتبط بذلك من عوامل متنوعة تخضع للدراسة والبحث.
تغييرات في تشخيص اضطرابات طيف الفصام:
1- تشخيص الفصام المزاجي يتطلب 6 أشهر من الأعراض المرضية، وفيها أعراض مزاجية غالبة، ولكن الأعراض الفصامية مستمرة لمدة أسبوعين على الأقل دون أية أعراض مزاجية. وهذا يساعد على التفريق بين الفصام والفصام المزاجي. ولا يكفي وجود أعراض اكتئابية لمدة قصيرة ليصبح التشخيص فصام مزاجي، بل يجب أن تكون الأعراض المزاجية غالبة لفترة طويلة، أي أن تشخيص الفصام المزاجي أصبح يعتمد على مقطع طولي زمني في الأعراض وليس مقطعاً عرضياً.
2- في الاضطراب الذهاني يمكن أن يكون الهذيان غريباً. وغرابة الهذيان لاتجعل الحالة فصاماً، بل اضطراب ذهاني.
3- الذهان التشاركي يصنف ضمن الاضطرابات الذهانية الأخرى، وليس ضمن الاضطراب الذهاني كما كان يصنف سابقاً.
4- إضافة تخصيص الجمودي لعدة اضطرابات: الاكتئاب – اضطراب المزاج ثنائي القطب – الاضطرابات الذهانية – حالة طبية.
ويتطلب تخصيص جمودي وجود ثلاثة أعراض من اثنتي عشرة عرضاً جمودياً. اما سابقاً فكان ذلك يتطلب وجود اثنين من خمسة أعراض، وفي حالات الجمود الطبية عرض واحد فقط.
5- اقتراح للمزيد من الدراسة: تناذر الذهان المخفف Attenuated Psychotic Syndrome
وهذا الاضطراب طرحه الدليل للمزيد من الدراسة، وهو شائع وله صفات محددة وهي: أعراض ذهانية خفيفة هذيان – هلوسة – اضطراب التفكير، مرة بالأسبوع خلال الشهر الماضي، مع بقاء التبصر والحس الواقعي، مع معاناة وتدهور في الأداء الوظيفي.
شائع وانتشاره حوالي 8-13% من السكان، حيث يعاني المصابون به من تجارب أهلاسية وأفكار هذيانية قصيرة، وهو أكثر قليلاً عند الذكور.
وحوالي 30% من هؤلاء الأشخاص يصابون بأحد الاضطرابات الذهانية خلال 3 سنوات ((1.
- تعليق: اضطراب غامض وحدوده غير واضحة .. يشبه الاضطراب الذهاني قصير الأمد ولكنه أخف أعراضاً، وربما تكمن أهميته في التدخل العلاجي المبكر.
المراجع:
-DSM5, American psychiatric association press, 2013. 1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق