بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 يناير 2018

في مديح التفاهم اللغوي وضرورته


في مديح التفاهم اللغوي وضرورته :
د. حسان المالح 
" الذين لا يفهمون صمتك .. لن يفهموا كلماتك أبداً"
People who do not understand your silence will never understand your words.
الفكرة السابقة شائعة .. وتستعمل في العلاقات الشخصية الحميمة والعاطفية  والزوجية عادة.. وبعضهم يروج لها .. ولكنها غامضة قليلاً وربما تؤدي إلى مشكلات في التفاهم والفهم.
وهي تعني أن الآخر يجب أن يفهمك دون أن تتكلم .. وهذه حالة جميلة تدل على تقارب وتفاهم عميق حتى دون استعمال اللغة .. ويقال أن أحدهم يفهم على الآخر ما يريده وما يقصده من نظرة واحدة ودون كلام .. وهذا نادر عموماً ويحدث في بعض حالات الحب والعشرة الطويلة. وإذا لم يكن موجوداً في العلاقة أو كان قليل الحدوث فلا يعني ذلك أنه لا يوجد حب أو تفاهم .. وسوء التفاهم جزء أساسي من أي تفاهم .. حيث يتطور التفاهم بدرجات متفاوتة من خلال الزمن والمشكلات والعيش المشترك.
والحقيقة أن الصمت له دلالات متنوعة  وعديدة .. ويقولون أن الصمت علامة الرضا في حالات طلب الفتاة رأيها في العريس المتقدم لخطبتها .. وفي ذلك نوع من الحياء اللطيف والذي أصبح حالياً من التراث والتاريخ .. ولكن يقولون أيضاً أن "الصمت من علامات السب الداخلي" .. حيث يصمت الشخص لأنه لا يستطيع أن يجهر بقوله أو برأيه أمام ما يحدث حوله، وصمته نوع من الغضب وعدم الرضا.
وببساطة فإن اللغة ضرورية دائماً في التفاهم بين الناس وفي العلاقات العاطفية وبين الأصدقاء والأقارب وغيرهم.. ومن المهم الانتباه إلى لغة الجسد غير الكلامية وتفهمها .. مثل تعابير الوجه ووضعية الجسد ومختلف الإشارات غير اللغوية الصادرة عن الشخص .. ويتطلب ذلك تدريباً وتفهماً وخبرة وحدساً وذكاءً.
وهناك أشخاص تصعب قراءتهم بسبب غموضهم أو جمود تعبيراتهم العامة .. أو بسبب الرسائل المتناقضة التي يرسلونها بكلامهم أو بتعبيراتهم .. كما أن بعض الأشخاص يقول شيئاً ويقصد شيئاً آخراً.  إضافة إلى أن اللغة الكلامية نفسها يمكن أن تكون شخصية وذاتية وتحتاج إلى مزيد من الوقت لتفهم على شخص معين مصطلحاته وتعبيراته الخاصة ومدلولاتها المقصودة.
وعموماً يمكن للّغة المنطوقة أو المكتوبة أن تفهم بمعان متعددة ودلالات شتى .. حتى لو كانت واضحة أو مختصرة .. ولذلك نجد ضرورة الشرح والتوضيح لكل ماهو لغوي. مثل شرح النصوص الأدبية أو القانونية أو الدينية أو غيرها .. والتعليق عليها بالهوامش المتنوعة.
ومن الناحية العملية لا بد من تشجيع الكلام المنطوق والحوار والتوضيح للفكرة المطروحة أو المقصود في أي موضوع أو أمر .. في العلاقات العامة وفي العلاقات الزوجية والعاطفية. ويساعد ذلك في تخفيف سوء التفاهم الشائع والذي يؤدي إلى مشكلات عديدة وزوجية. وبعض الأشخاص لغتهم الكلامية معقدة وغامضة وفيها فواصل وعطف وجمل متباعدة أو غير ذلك .. ولديهم عجز لغوي يحتاج إلى تدريب وتطوير وتحسين .. كي تصبح لغتهم اكثر وضوحاً ويصبحوا مفهومين أكثر.
وتبقى الكلمات المنطوقة أساس التفاهم السليم الواضح بين الناس في مختلف التعاملات .. ولغة الإشارة "والصمت جزء منها" تبقى للأذكياء وللشخص اللبيب الذي .. "من الإشارة يفهم".
وأخيراَ .. "إذا كان الصمت من ذهب .. فالكلام من ألماس".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق