بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 يناير 2019

أهمية الحكم والأقوال النفسية في الحياة اليومية والعلاج النفسي (ماذا تقول لنفسك حين تحدثها):


أهمية الحكم  والأقوال النفسية في الحياة اليومية  والعلاج النفسي
(ماذا تقول لنفسك حين تحدثها):

د. حسان المالح


جاءتني أهمية فكرة "ماذا تقول لنفسك حين تحدثها؟" من خلال نشاطاتي العلمية والاجتماعية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" Face book. وقد وجدت أن كثيراً من الأشخاص يتلهفون لقراءة حكمة نفسية أو قول مفيد له بعد نفسي واجتماعي، وهم يعبرون عن إعجابهم ويعلقون على الموضوع بحماسة وهمة.
 ويدل ذلك على أهمية القول أو الفكرة ذات البعد النفسي التي يمكن تطبيقها في الحياة اليومية. لأنها تفيد في إعادة الطمأنينة والتوازن للشخص القلق أو المتوتر، وتزيل اليأس والتشاؤم عند الشخص المتكدر أو المكتئب. وأيضاً تساهم في مواساة الشخص الذي يتألم من فراق حبيب أو قريب أو صديق، أو من غدر الآخرين ولؤمهم وأذاهم.
ومن المعروف أن الأفكار التلقائية التي تخطر في بالنا عند موقف معين لها أهمية كبيرة في توجيه سلوكنا العملي وطريقة ردنا على الموقف، وكذلك تؤثر على انفعالاتنا ومزاجنا بشكل سلبي أو إيجابي وفقاً لهذه الأفكار التلقائية التي نتحدث بها مع أنفسنا.
وتدل الدراسات النفسية الحديثة في ميدان علم النفس المعرفي والطب النفسي على أهمية المعتقدات والأفكار والافتراضات الأساسية التي يتبناها الشخص عن نفسه وعن الآخرين وعن الحياة.
وكذلك على أهمية الأفكار التلقائية التي تظهر تلقائياً ونتحدث فيها داخل أنفسنا خلال المواقف المتنوعة اليومية، وكل ذلك يساهم في نشوء واستمرار كثير من الحالات المرضية النفسية كالقلق والمخاوف المرضية والاكتئاب والصدمات النفسية المتنوعة وغيرها.
 ويطرح ما سبق ذكره ضرورة تعديل هذه الأفكار السلبية غير الواقعية، أو المضخمة، أو غير المنطقية، من خلال العلاج المعرفي الإدراكي، الذي يقوم على تسجيل هذه الأفكار وتسجيل درجة الاقتناع بها من قبل المريض ومن ثم مناقشتها والنظر إليها بشكل نقدي ومنطقي، وبعد ذلك يحدث تعديل في هذه الأفكار التي تساهم في نشوء وتثبيت الحالات المرضية. ويتم تبديلها وتبني أفكار أكثر عملية، وأكثر إيجابية، أو أفكار أكثر توازناً وحكمة، يكتشفها المريض نفسه أو بمساعدة المعالج من خلال الجلسات العلاجية.
ومن جهة أخرى يعتمد الذكاء الانفعالي (العاطفي) على التعرف على الانفعالات الشخصية والتعامل معها، وأيضاً على التعرف على انفعالات الآخرين والتعامل مع ذلك بشكل مناسب. ومثلاً فإن التعامل مع الخوف والقلق والغضب والحزن، يحتاج إلى مراقبة الذات ومراجعتها، وأيضاً مراجعة الأفكار الداخلية التي يتبناها الإنسان، ومن ثم العمل على تخفيف هذه الانفعالات وتعديلها وضبطها. مما يجعله أكثر نجاحا وأكثر كفاءةً في معرفة نفسه وانفعالاته وفي توجيهها بشكل مناسب.
ويمكن أن تلعب بعض المقولات والأفكار المناسبة دوراً هاماً في الوصول إلى ذلك.
كما يطرح علم النفس الإيجابي أهمية تنمية القدرات ومكامن القوة التي نمتلكها، وأهمية التفاؤل والعقلانية والمثابرة والاستبصار والبصيرة والتعامل مع المتاعب بواقعية وحكمة وشجاعة. إضافة لوضوح الهدف وتبني معاني إيجابية للحياة. وكل ذلك يتطلب مقولات وأفكار مفيدة وعملية يتبناها الشخص عن نفسه ثم يتحدث فيها ومعها، ويستخدمها في حياته اليومية.
وقد جمعت عدداً من الأقوال والأمثال الشائعة من الثقافة العالمية المعاصرة ولا سيما الغربية وقمت بترجمتها من الإنكليزية، وكثير منها أقوال لمشاهير أو فلاسفة أو علماء نفس أو أدباء أو كتاب وغيرهم.
(وفي ثقافتنا العربية هناك أقوال وحكم متداولة لها أبعاد نفسية مفيدة وإيجابية حتماً، وهي تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتقييم والجمع والنشر).
وقد ركزت على الأقوال المختصرة البليغة والمحفزة ذات التأثير النفسي والفكري الواضح، وبعضها فيه حس الدعابة والفكاهة مما هو قريب من النفس لأنه يمتعها. ووجدت أنه من المفيد الاطلاع على الثقافة الغربية والعالمية فيما يتعلق بالحكم والأقوال النفسية ونقلها إلى العربية، مما يشكل إضافة مفيدة وحديثة تغني ثقافتنا العربية الأصيلة. ومن الممكن استعمال مثل هذه الحكم والأقوال النفسية في الحياة اليومية وفي العلاج النفسي.
(صدر لي كتاب عن ذلك بعنوان: ماذا تقول لنفسك حين تحدثها، دار الفكر، دمشق 2015. وهذا الكتاب يجمع في أساسه بين مقولات وتقنيات علم النفس الإيجابي، وتنمية الذات، والعلاج المعرفي الإدراكي، والذكاء الانفعالي، وبين الأدب والفلسفة وخواطري وملاحظاتي الشخصية. وهو مفيد للجميع، ويفيد القارئ العام والقارئ المتخصص كل يأخذ ما يناسبه).
وتهدف الكتابة عن موضوع "الحكم والأقوال النفسية" إلى طرح وتداول مجموعة من الحكم والأقوال ذات تأثير نفسي إيجابي مفيد.
وعند قراءة هذه الأقوال والتعمق فيها ومناقشتها واستعمالها، فإنها ستساهم بالتأكيد في تبني أفكار عملية وصحية ومفيدة تساعد القارئ على تعديل أفكاره السلبية، وتقدم له حلولاً وأفكاراً أساسية وتلقائية مناسبة في حال حفظها وتكرارها واستخدامها في المواقف المختلفة، أي أنه يمكن له أن يحدث بها نفسه بطريقته الخاصة والمفيدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق