بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 يونيو 2019

تطورات في أبحاث اضطراب نقص الانتباه / فرط النشاط خلال السنوات العشرين الماضية: صموئيل كورتس، دفيد كوغهيل. مجلة الصحة العقلية المعتمدة على الدليل 2018


تطورات في أبحاث اضطراب نقص  الانتباه / فرط النشاط خلال السنوات العشرين الماضية:
صموئيل كورتس، دفيد كوغهيل. مجلة الصحة العقلية المعتمدة على الدليل 2018
Advances in ADHD research over the past 20 years
Samuele Cortese, David Coghill. Evid Based Ment Health 2018; 21: 173-176
ترجمة وعرض: د. حسان المالح


هناك زيادة واضحة في حجم الأبحاث المرتبطة باضطراب نقص الانتباه/ فرط النشاط (الحركة) خلال 20 سنة الماضية، وذلك لعدة أسباب ومنها: زيادة الوعي بآثار هذا الاضطراب، تطورات تقنية وإحصائية، ازدياد اهتمام الشركات الدوائية بهذا الاضطراب. وأهم هذه التطورات:
(1) تغيرات في معايير التشخيص:
طرح الدليل الأمريكي التشخيصي والإحصائي الخامس 2013  DSM-5 تعديلات هامة على معايير التشخيص، وهذه التعديلات هي كما يلي:
1- تخفيف عتبة تشخيص الاضطراب حيث أصبح عدد الأعراض المطلوبة 5 بدلاً عن 6 في حالات المراهقين والكبار – ظهور الأعراض قبل 12 سنة وليس قبل 7 سنوات كما كان في الدليل الرابع.
وعلى الرغم من حسن النية في هذا التغيير فإن هذه النقطة محدودة التأثير لأنه لا يوجد أدلة تجريبية عليها، ومن الأفضل أن يجري التركيز على تحديد أدق لنقص الأداء الوظيفي بدلاً عن عدد الأعراض.
2- إمكانية التشخيص الثنائي لاضطراب نقص الانتباه / فرط النشاط، مع اضطرابات طيف التوحد.
وسابقاً كان وجود اضطراب طيف التوحد يستبعد تشخيص اضطراب نقص / فرط النشاط. ويدعم هذا التغيير كمية كبيرة من الأدلة التجريبية.
3- الأشكال الفرعية للاضطراب تم إلغاؤها، وتم إضافة وصف شكل الأعراض Presentation بعد التشخيص.
وتؤكد ذلك الدراسات التي بينت عدم ثبات شكل الأعراض مقارنة مع جمود الأشكال الفرعية للاضطراب.
(2) انتشار الاضطراب:
- بينت الدراسات القديمة 1984، أن هناك اختلافات واضحة في انتشار الاضطراب بين أمريكا الشمالية وأوروبا. مما أثار جدلاً واسعاً حول اعتبار الاضطراب مفهوماً اجتماعياً وليس اضطراباً حقيقياً.
وقد بينت دراسة حديثة 2007، قائمة على التحليل البعدي Meta-analysis أن نسبة الانتشار المجمع منها هو حوالي 5،3% (في الدليل الأمريكي الخامس DSM-5 النسبة هي 5% أطفال، 2،5% كبار)*
- ويبدو من الدراسات أن الاختلاف الواضح في نسب الانتشار هو بين أمريكا الشمالية، وأفريقيا والشرق الأوسط. وليس بين أميركا الشمالية وأوروبا.
- كما بينت دراسة حديثة 2014، أنه لا يوجد ازدياد في نسب الاضطراب خلال 30 عاماً الماضية عندما تستعمل معايير تشخيص معيارية موحدة.
- إن معظم الدراسات الوبائية التي تدرس انتشار الاضطراب تركز على أطفال المدراس، والمطلوب دراسات على السكان من قارات أخرى، مع دراسات طولية لنعرف أكثر حول العوامل التي ترتبط بهجوع أو استمرار الاضطراب.
وأيضاً المطلوب تحديد أوضح لتعريف الهجوع أو الاستمرار، كي نستطيع أن نصل إلى نتائج نهائية من المعلومات الحالية.
(3) المسببات الوراثية والبيئية لاضطراب نقص التركيز/ فرط النشاط:
ساهمت التطورات في دراسة المورثات في التأكيد على توريث الاضطراب، ولكن ذلك واجه عقبات أكثر مما كان متوقعاً، لأن هذا الاضطراب يبدو أنه مرتبط بعوامل وراثية وبيئية معقدة.
- طريقة المورثة المسؤولة: التي تهدف إلى تحديد المورثات المسببة. وإلى الوقت الحالي بينت الدراسات أن هناك 10 مورثات مختلفة مسؤولة.
- إن دراسات التكوين الجيني الموسع: كانت في البداية غير ناجحة، وحديثاً حدث اكتشاف هام وتم تحديد 12 موقع مستقل في الصبغيات loci.
- متغير رقم النسخCopy number variant : وهو تكرار أو حذف المادة الوراثية DNA، وهو شائع في هذا الاضطراب ولكنه لا يفسر إلا 0،2% من وراثة الاضطراب.
- العوامل البيئية:
هناك معلومات كثيرة تدل على أن العوامل قبل الولادة وبعد الولادة مرتبطة بزيادة معدل الإصابة بالاضطراب، مثل: تدخين الأم الحامل واستعمالها للكحول، نقص وزن الوليد، الخداجة Prematurity، التعرض لسموم بيئية.
وعلى أية حال وباستثناء الخداجة، فإن الدراسات الجينية أوضحت وجود عوامل داحضة Confounding factors عائلية، لا تدعم الدور السببي لهذه العوامل البيئية.
 ومن المطلوب فهم أفضل للتفاعل بين العوامل البيئية والعوامل الوراثية، وقد استطاعت الدراسات الوراثية أن تعبد الطريق لأبحاث واعدة.
(4) التصوير العصبي Neuro imaging:
لقد تغيرت النماذج الفيزيولوجية المرضية التي توضح هذا الاضطراب بشكل ملحوظ خلال 20 سنة الماضية.
حدث تحول من التركيز على عدد محدود من مناطق الدماغ، إلى عسر وظيفي Dysfunction في شبكات أكبر من الدماغ.
- دراسات الرنين المغناطيسي: بينت الدراسات البعدية والدراسات الضخمة Mega analysis بشكل متكرر وجود تغيرات في النويات القاعدية، وأيضاً في مناطق أخرى تحت القشرة الدماغية.
- دراسات الرنين المغنطيسي الوظيفي: بينت دراسات بعدية شاملة أن معظم المناطق ناقصة النشاط المرتبطة بنقص الانتباه / فرط النشاط، تقع ضمن منطقة الانتباه البطنية Ventral والشبكات الجبهية الجدارية.
- وعلى العكس فإن المناطق مفرطة النشاط، تقع في منطقة شبكة الحالة الأساسية Default mode network، أو الشبكة البصرية. وهذه النتائج تتناسب مع فرضية شبكة الحالة الأساسية (استمرار التركيز يرتبط بمنطقة الانتباه البطنية، أما التركيز العام يرتبط بالمناطق الوحشية) والتي تعتبر أهم اقتراح ملهم لفهم هذا الاضطراب خلال السنوات الماضية.
(5) العلاج:
زيادة واضحة في عدد الدراسات العشوائية المعشاة RCTs التي تدرس فعالية وتحمل الأدوية على المدى القصير لعلاج الاضطراب، وأيضاً دراسات على محاور مختلفة تدرس تدخلات علاجية غير دوائية.
التدخلات الدوائية:
إن دراسة التحليل البعدي الشاملة 2018، وجدت 133 دراسة عشوائية معشاة مقارنة مع المادة الغفل. والنتائج تدعم أن ميثيل فينيديت Concerta) Ritalin –) هو الخيار الأول الأفضل في العلاج القصير الأمد للاضطراب عند الأطفال والمراهقين.
وأن الأمفتامينات هي الخيار الأول للبالغين (Adderall=amphetamine+dextroamphetamine).
تدخلات غير دوائية:
قامت المجموعة الأوربية لدراسة اضطراب نقص الانتباه / فرط النشاط بسلسلة من دراسات التحليل البعدي لدراسة التدخلات غير الدوائية.
وفد بينت النتائج العامة أن التدخلات السلوكية، والتدريب المعرفي، يمكن لها أن تخفف من النقص والتدهور المرافق للاضطراب.
- بعض التدخلات الغذائية مثل مكملات الحموض الدسمة، وحذف ملونات الغذاء، لها تأثير قليل فقط.
ووفقاً للمعلومات الحالية هناك حاجة إلى أدلة أكثر قبل أن نوصي باستعمال التدخلات غير الدوائية، على أنها ذات فعالية جيدة في علاج جوهر الاضطراب.
وبالرغم من ذلك فإن التدخلات السلوكية والتدريب المعرفي يمكن أن تخفف من النقص والتدهور المرافق.
(6) اتجاهات المستقبل:
- ضرورة دراسة الفعالية، والآثار الجانبية، بالنسبة للأدوية على المدى الطويل، في الدراسات المقارنة المعشاة، مع تخطيط السحب Withdrawn designs (سحب الدواء) في هذه الدراسات.
- ضرورة القيام بدراسات إضافية قائمة على السكان، لدراسة تقنيات السيطرة على الذات، مع دراسات متابعة.
- على الرغم من التقدم الحادث خلال 20 سنة الماضية والإجابة عن عدد من الأسئلة، فإن هناك أسئلة عديدة لم تتم الإجابة عنها.
- ضرورة التعاون بين عدة ميادين والاستفادة من بنك معلومات أكبر.
- دعم الأبحاث في الدول الأقل تقدماً.
كل ذلك يمكن أن يقدم مفاتيح للإجابة عن هذه التحديات المرتبطة بدراسة اضطراب نقص الانتباه / فرط النشاط.
ملاحظة ختامية*
قواعد إرشادية في علاج اضطراب نقص الانتباه/ فرط النشاط عند الأطفال والمراهقينThe American Academy of Pediatrics (AAP) :
- في حالات الأطفال بعمر 4-5 سنوات: علاج سلوكي أبوي/ أو مع المدرسين.
من الممكن استعمال ميثيل فينيديت في حال لم يحدث تحسن كاف.
- الأطفال بعمر 6-11 سنة: علاج دوائي معترف به من هيئة الغذاء والدواء FDA مع أو علاج سلوكي أبوي أو مع المدرسين. والأفضل علاج دوائي وسلوكي معاً.
والدليل قوي وكاف بالنسبة لاستعمال المنشطات، وهو أقل بالنسبة لستراتيرا Atomoxetine، ثم Extended-release guanfacine، ثم Extended-release clonidine.
- المراهقين بعمر 12-18 سنة: علاج دوائي معترف به. ومن الممكن علاج سلوكي، والأفضل كلاهما.
American Academy of Pediatrics, Subcommittee on Attention-Deficit/Hyperactivity Disorder, Steering Committee on Quality Improvement and Management. ADHD: clinical practice guideline for the diagnosis, evaluation, and treatment of attentiondeficit/hyperactivity disorder in children and adolescents. Pediatrics. 2011;128(5):1007–1022. Page last reviewed: September 21, 2018
ملاحظة: العبارات المرفقة بنجمة * هي من إضافتي للمقالة الأصلية.
References:
Cortese S, Adamo N, Del Giovane C, et al. Comparative efficacy and tolerability of medications for attention-deficit hyperactivity disorder in children, adolescents, and adults: a systematic review and network meta-analysis. Lancet Psychiatry 2018; 5: 727-738.
Cortese S, Coghill D. Twenty years of research on attention-deficit/hyperactivity disorder (ADHD): looking back, looking forward. Evid Based Ment Health 2018; 21: 173-176.
Faraone SV, Sergeant J, Gillberg C, et al. The worldwide prevalence of ADHD: is it an American condition? World Psychiatry 2003; 2: 104-113.
Polanczyk G, de Lima MS, Horta BL, et al. The worldwide prevalence of ADHD: a systematic review and metaregression analysis. Am J Psychiatry 2007; 164: 942-948.
Polanczyk G, Wilcutt EG, Salum GA, et al. ADHD prevalence estimates across three decades: an updated systematic review and meta-regression analysis. Int J Epidemiol 2014; 43: 432-442.
Sonuga-Barke EJ, Brandeis D, Cortese S, et al. Nonpharmacological interventions for ADHD: systematic review and meta-analyses of randomized controlled trials of dietary and psychological treatments. Am J Psychiatry 2013; 170: 275-289.
Taylor E, Sandberg S. Hyperactive behavior in English schoolchildren: a questionnaire survey. J Abnorm Child Psychol 1984: 12: 143-155.

(من كتابي: دراسات وإضاءات في الطب النفسي، للاختصاصيين والمهتمين بالصحة النفسية في العالم العربي. يصدر قريباً)
هذه المقالة ألقيت باختصار بشكل محاضرة بوروبينت powerpoint في ندوة الرابطة السورية للطب النفسي، الاضطرابات النفسية عند الأطفال، دمشق 20/6/2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق